- الزيارات: 523
أهم مؤرخ لعلاقة بلبنان المسيح
كلمة الشاعر الكبير سعيد عقل في جريدة السفير في 9/ 11/ 1999.
كتاب الأب يوسف يمين:"المسيح ولد في لبنان لا في اليهودية"- قد صدر أمس- اُعطينا شرف أن نقرأه. هو من القطع الكبير ويزيد على 700 صفحة.
بدأنا بقراءته ونحن نتوقع أن يصل إلى صفحة تصدم معتقدنا وعندئذ نتركه. ولكنه راح يشدنا إليه بثراء براهينه وأمانته لمعتقده. وبعد ثلاث مراحل من المطالعة أتينا عليه كله. لا ولا مرة فعل فينا كتاب ككتاب الأب يمين.
ابن إهدن يحمل، إلى جنب شهاداته اللاهوتية، دكتوراه في الفيزياء من فرنسا. وفي كتابه التاريخي هذا يستمر ابن الدربة المتشددة التي أخذها عن الفيزياء.
نخرج من قراءة الكتاب وأنت مقتنع، لا بالأطروحة التي كنت تظن أنه طرحها، وإنما بالحقيقة التي فجرها تفجيرا وراحت تأخذ بجماع عقلك. فالكتاب لا يحتوي على أطروحة بل على حقيقة.
خلاصة الكتاب أن بيت لحم، التي تعلمنا أنها مسقط رأس المسيح، ليست تلك المعروفة بأنها إحدى مدن اليهودية، وإنما بيت لحم أخرى تقع لا في الجنوب بل في الشمال، في الجليل بالذات، وعلى مقربة من جبل الكرمل التي في إحدى مغاوره ولد المسيح. وجبل الكرمل هذا لا يختلف اثنان على أنه جزء من لبنان. كان كذلك طوال الوف السنين وظل كذلك حتى الأمس، عهد كان تابعا لأيالة صيدا، قبل أن فصم العثمانيون صيدا عن لبنان.
العلامة يمّين لم يكتشف هو بنفسه حقيقة هذه البيت لحم الأخرى. اكتشفها قبله علماء وباحثون أوروبيون يذكرهم واحدا واحدا، وينشر خرائطهم التي تقرأ فيها جليّا اسم بيت لحم الشمال هذه. ولكن هؤلاء العلماء والباحثين لم يخرجوا من إطلاعهم هذا إلى رؤية شاملة تعلن ، بكل بساطة ، إن المسيح ولد لا في مغارة قرب بيت لحم اليهودية بل في مغارة في جبل الكرمل المحض لبنانية.
يستغل الأب يميّن نحو 200 كتاب لعلماء أوروبيين ليدعم حقيقته هذه وينشر أسماء هذه الكتب وأسماء مؤلفيها وناشريها.
ويحرص الأب يميّن على استناده إلى آخر شروح أثبتها اليسوعيون في أحدث ترجمة لـ"البيبل". والرائع أنك لا تشعر أن العلامة بعنف مع اللاهوت المسيحي، فهو يعرف تماما أن الانجيل ليس كتابا يؤرخ بالمعنى الحصري للكلمة، وإنما هو كتاب يشهد للذي نزل من السماء وسكن بيننا.
الأب يمين هو ابن العلم وابن اللاهوت معا، وبمستوى علمية تكلم. ورغم الاستغراب، الذي يعرف أن يُحدِثهُ عندك، يعود لا يمر على بالك أنه حاد عن إيمانه قلامة شعرة.
كتاب الأب يميّن ثروة قلما أعطي لبنان أن يملك مثلها.
إهدن التي أنجبت الأب يميّن، لكم سيكبر بها أهلها ولكم سيكبر بها لبنان!
لا ولا يوم، من أيام حياتنا، غمرتنا السعادة كما غمرتنا ونحن نطالع السفر الجلل.
الأب يميّن هو، بكتابه، أهم مؤرخ لعلاقة لبنان بالمسيح.
علاقة لبنان بالمسيح؟... وهل ثمة مجد أعظم؟
هو تاريخ لبنان، بعد اليوم، جزء من تاريخ السماء.
قبلة على رؤوس الأنامل التي خطَّت السفر الجلل.